Home » مقالات » «قانون الضريبة الموحد» المقترح.. ملاحظات أولية

«قانون الضريبة الموحد» المقترح.. ملاحظات أولية

أحمد عوض

هناك وجاهة كبيرة في المبررات التي ساقها وزير المالية ومدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات الخميس الماضي أثناء الاجتماع مع اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب في معرض تبريرهما لأهمية وضرورة إجراء تعديلات جوهرية على العديد من القوانين الضريبية المطبقة في الأردن.

المواطن الأردني يرزح تحت عبء العديد من الضرائب بمسميات مختلفة تبدأ بضريبة الدخل ولا تنتهي بالضريبة العامة على المبيعات مروراً برسوم الجامعات وطوابع الواردات ورسوم نقل الملكية والمسقفات وغيرها من الضرائب المتنوعة المباشرة وغير المباشرة. لا بل هناك أنواع من الضرائب غير المباشرة تخضع للضريبة العامة على المبيعات ، أي أن المواطن يدفع ضريبة على الضريبة.

إلى جانب المشكلات القانونية والفنية الناجمة عن تعدد الأنواع الضريبية ، فإن النظام الضريبي الأردني أوجد حالة فريدة تمثلت في ارتفاع العبء الضريبي على المجتمع الأردني إلى مستويات عالية جداً ، ومن جهة أخرى أدت إلى تخفيض الإيرادات الضريبية المترتبة على الدخل والأرباح كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات منخفضة جداً. فقد بلغت نسبة العبء الضريبي الذي يقاس بنسبة حصيلة الإيرادات الضريبية بجميع أنواعها المباشرة وغير المباشرة إلى الناتج المحلي الإجمالي 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام ,2007 وهذه النسبة تعد مرتفعة بالمقارنة مع العبء الضريبي الذي تتحمله مجتمعات معدلات دخل الفرد فيها أضعاف معدلات دخل المواطن الأردني. هذا إلى جانب الانخفاض الشديد في حصيلة ضريبة الدخل التي تراوح حول 4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ، في حين تتراوح نسبتها في الدول التي تتشابه اقتصادياتها مع الاقتصاد الأردني ما بين 8 – 10 بالمائة.

وهذه الإشكالية ناجمة عن سببين رئيسيبن يتمثلان في أن الضريبة العامة على المبيعات تطبق بمعدلات مرتفعة جداً تبلغ 16 بالمائة على جميع السلع والخدمات باستثناءات محدودة ، وهذه الضريبة يطلق عليها الضريبة العمياء ، لأنها تفرض على الفقير والغني بذات النسبة ، لذلك ، فهي تطبق في غالبية دول العالم بما فيها الدول ذات الدخول المرتفعة بنسب أقل من الأردن تراوح حول 10 بالمائة.

أما السبب الثاني فيتمثل في ارتفاع معدلات التهرب الضريبي الذي يعني في أبرز ملامحه أن هناك شرائح اجتماعية ممن هم مكلفون وفقاً لنصوص قانون ضريبة الدخل الساري المفعول وما سبقه من قوانين ، لا يقرون بدخولهم الحقيقية وبالتالي لا يدفعون ما يترتب عليهم من التزامات لخزينة الدولة.

ويعود ذلك إلى ضعف الآليات المستخدمة في تحصيل ضريبة الدخل ، الأمر الذي يشجع على زيادة معدلات التهرب الضريبي ، وهذا التهرب الضريبي لا يمارسه أبناء الطبقات والشرائح الاجتماعية الفقيرة والفئات الدنيا من الطبقة الوسطى التي تضم الغالبية الساحقة من المواطنين وهم يشكلون حسب وزير المالية 80 بالمائة من المواطنين ، لأن دخولهم منخفضة ولا تخضع حسب القانون للضريبة.

نشاهد ونسمع العديد من القصص المتعلقة بالدخول التي يحققها كبار المهنيين ورجال الأعمال والتي تتجاوز مئات آلاف الدنانير شهرياً ، فجزء كبير من الفئات المذكورة يمارس التهرب الضريبي بطريقة أو أخرى ، مستغلين نفوذهم في الحكومة ومؤسسات الدولة في عدم الكشف عن دخولهم الحقيقية من خلال التدخل لإعاقة عمل موظفي دائرة الضريبة الذين غالباً ما يكونون”لا حول لهم ولا قوة”في مواجهة مراكز النفوذ.

فهل تنجح التعديلات المقترحة من قبل الحكومة في إصلاح النظام الضريبي الأردني ، في الوقت الذي لا تتضمن فيه أية توجهات لتخفيض الضريبة العامة على المبيعات ، ولا تتضمن أيضاً تعديلات جوهرية على آليات التحصيل المتبعة في تحصيل ضريبة الدخل؟ أما فرض الغرامات على التأخير والتهرب ، فنعتقد أنها إجراءات غير مجدية.

صحيفة الدستور الأردنية، 2008/8/31