التكيف مع الفقر.. أم إعادة النظر في السياسات الاقتصادية؟

أحمد عوض

تتصدر الصحف العديد من الدعوات التي تنادي بضرورة أن يتكيف الشعب الأردني مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها في الوقت الراهن ، من حيث ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات الأساسية ، مع ثبات نسبي في الأجور والدخول المنخفضة أصلاً.

والدعوات صدرت عن شخصيات مدنية (أهلية) بهدف تقديم النصح والإرشاد للمواطنين لمساعدتهم على إعادة تنظيم الأولويات لتمكينهم من الاستمرار دون الوصول إلى حد الجوع ، وهذا الدور مطلوب ومقبول ، خاصة لدى مجتمعنا الذي اختلطت فيه الأولويات على جميع المستويات.

ولكن غير المقبول أن تصدر هذه الدعوات عن شخصيات رسمية سواء في مواقع المسؤولية حاليا أو سابقا لسببين ، أولهما: أن هؤلاء المسؤولين ساهموا بشكل أو أخرى في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تم تطبيقها في الأردن خلال فترات حالية وسابقة ، أو ساهموا في تنفيذها ، وهي ذات السياسات التي أوصلت المجتمع والاقتصاد الأردني إلى الحال الذي هو عليه الآن.

أما السبب الثاني فيتمثل في أن هذه الفئة من المسؤولين لم تدفع ثمن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي صاغتها و ـ أو نفذتها ، وهم يقدمون دعواتهم ونصائحهم إلى الفئات الاجتماعية التي دفعت ثمن أدارتهم للمجتمع والاقتصاد الأردني ، إذ أن جميع المسؤولين الحاليين والسابقين لم يتأثروا بتراجع المستوى الاقتصادي والمعيشي الذي يعاني منه الأردنيون ، وذلك يعود لأسباب عديدة لها علاقة ببنية وتركيبة النظام الإداري في الأردن ، وليس هذا مجال لمناقشته.

فالأردنيون يدفعون ذات الأثمان التي يدفعها مواطنو الدول المتقدمة للحصول على السلع والخدمات ، مع فارق أن الأجور والرواتب التي يحصل عليها مواطنو الدول المتقدمة تزيد عن الأجور والرواتب التي يحصل عليها الأردنيون بعشرة أضعاف تقريباً.

الخلاصة ، ليس مطلوباً أن يتكيف المجتمع الأردني مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تتراجع منذ عقدين عاماً

بعد آخر ، لأن “التكيف مع الفقر” ليس صحيا. فالمنطق السليم هو الذي يتجه نحو إعادة النظر بالسياسات التي قادت إلى جانب عوامل أخرى إلى تراجع المستويات المعيشية للأردنيين. لأنه لا يوجد دولة مستقرة في العالم لا تقدم الدعم للسلع الغذائية والأساسية ، سواء بعدم إخضاعها للتعرفة الجمركية والضرائب على اختلاف أنواعها ، أم في دعم منتجيها.

صحيفة الدستور الأردنية، 2008/6/15