Home » مقالات » وجهة نظر : النظام الرأسمالي على صفيح الأزمة الاقتصادية

وجهة نظر : النظام الرأسمالي على صفيح الأزمة الاقتصادية

أحمد عوض

دخلت الأزمة الاقتصادية العالمية مرحلة جديدة ، ليس فقط في قوة تأثيراتها المباشرة على آليات عمل النظام الرأسمالي المعاصر الموسوم ب “الرأسمالية الليبرالية” ، وآثارها على المتضررين سواء أكانوا طبقات اجتماعية أم دولا ، بل تعدت ذلك إلى التشكيك بالأسس النظرية التي يقوم عليها النظام الرأسمالي العالمي بصيغته المعاصرة.

فالأسس النظرية لهذا النظام الاقتصادي تتعرض في الوقت الراهن لانتقادات شديدة ، إلى جانب إعادة قراءة ليس فقط من الخصوم التاريخيين من أصحاب المدرسة الاشتراكية على اختلاف تلاوينها ، بل من أقطاب وقادة النظام الرأسمالي ذاته.

فها هو الرئيس الأمريكي “بوش” رئيس أكبر دولة رأسمالية في العصر الراهن يشير في خطابه الموجه للشعب الأمريكي والكونجرس قبل يومين لإقناعهم بأهمية إقرار خطته الاقتصادية لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي ، من أنه لا يؤمن بتدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية بل ويعارضها ، ولكنه مضطر لذلك لأن الأزمة الحالية تتطلب التعامل بأسلوب مختلف. وكان قبل ذلك قد قام بتأميم بعض الشركات المالية العملاقة.

أما الرئيس الفرنسي “ساركوزي” فيقول أن فكرة القوة المطلقة للأسواق ، وفكرة عدم تقييد الأسواق بأية قواعد أو أي تدخل سياسي كانت أفكاراً مجنونة ، ويطالب بضرورة إصلاح النظام الرأسمالي.

إلى جانب ذلك أعلن وزير المالية الألماني “شتاينبروك” أن العالم بعد الأزمة المالية الراهنة لن يكون كما كان قبلها ، وطالب بوضع قواعد جديدة لضبط حركة رؤوس الأموال في أسواق المال العالمية ، وحمّل مسؤولية ما حدث للولايات المتحدة الأمريكية ، وأشار أن على أمريكا أن تقبل خسارة مكانتها كقوة خارقة في النظام المالي العالمي.

كذلك دعا الرئيس البرازيلي”لويز إيناسيو لولا” في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام إلى ضرورة إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية الدولية على أسس جديدة ، وطالب بإحداث تغييرات في النظام المالي العالمي.

أما الأمين العام للأمم المتحدة”بان كي مون” فقد طالب بتشكيل قيادة عالمية جديدة لمواجهة الأزمة المالية الراهنة ، موضحاً أن العالم بحاجة إلى مفهوم جديد للإدارة والأخلاقيات لتسيير الاقتصاد.

وفي ذات السياق طالبت صحيفة”الفايننشل تايمز” الواسعة الانتشار والتأثير بتغيير قواعد اللعبة من خلال دعوتها قبل يومين صانعي القرار السياسي أن يولوا وجهتهم إلى كيفية السيطرة على المؤسسات الاقتصادية والمالية الهامة ، وقالت أن من الأفضل الإبقاء على أقسام من النظام المالي داخل القطاع العام ، وطرحت سؤالاً حول المدى الذي ينبغي على الدولة أن تبقى تلعب دور الحكم في الحياة الاقتصادية.

وفي الشتاء الماضي انتقد رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسوفت العملاقة “بيل جيتس” ، أثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي بشدة النظام الرأسمالي العالمي مطالباً بضرورة شق طريق اقتصادي ثالث ، يوازن بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية. وكما يقول”إبان بيغ” أحد أبرز الخبراء الاقتصاديين في معهد الشؤون الدولية البريطاني ، فالأزمة المالية الراهنة ستغير وجه العالم.

السؤال المطروح أمامنا.. ماذا نحن فاعلون حيال الآثار المترتبة للأزمة الاقتصادية على العالم الثالث؟، والتي يصفها رئيس البنك الدولي أحد أهم المؤسسات المالية الدولية ، من أنها قد تدفع الدول النامية إلى الهاوية.

صحيفة الدستور الأردنية، 2008/9/28