أحمد عوض
بالرغم من سیطرة اللغة الدبلوماسیة على تصریحات قادة مجموعة العشرین الكبرى G20 التي اختتمت أعمالھا أخیرا في المدینة الیابانیة ”اوساكا“، إلا أن تفاصیل المناقشات حول القضایا الاقتصادیة والسیاسیة الخلافیة تعكس صراعا كبیرا بین القوى الاقتصادیة الكبرى والناشئة.
تمثل مجموعة العشرینG20 القوى الاقتصادیة الكبرى في العالم والمكونة من تسعة عشر دولة إضافة الى الاتحاد الأوروبي، وتشكل اقتصاداتھا غالبیة الناتج الإجمالي العالمي وما یقارب ثلثي التجارة العالمیة، وبدأت اجتماعاتھا السنویة بشكل دوري منذ العام 1999.
وكعادة اجتماعات المجموعة، فإنھا تناقش أبرز القضایا والمشكلات والتحدیات التي یعیشھا الاقتصاد العالمي، وتشمل التجارة والاستثمار والطاقة والبیئة والتنمیة وغیرھا من القضایا الاقتصادیة ذات العلاقة، إلى جانب مناقشة الخلافات والصراعات الناشئة بینھا حول مراكز النفوذ السیاسي في مختلف أنحاء العالم.
وعقدت القمة الأخیرة في ظل حرب تجاریة كبرى بین المراكز الاقتصادیة العالمیة الكبرى المتمثلة في الولایات المتحدة والصین ودول الاتحاد الأوروبي، وھي أشبه بصراع ”العروش“ الذي كان محور المسلسل الخیالي الذي انتھى بث موسمه الثامن والأخیر قبل أشھر قلیلة.
وفي الوقت الذي أعلن فیه الجانبان الأمیركي والصیني عن أجواء إیجابیة تضبط المفاوضات التجاریة بین الطرفین، حیث أكدت الولایات المتحدة عن نیتھا عدم فرض رسوم جمركیة جدیدة على الواردات الأمیركیة من الصین في الوقت الراھن، مقابل قیام الصین بزیادة وارداتھا من المنتجات الزراعیة الأمیركیة.
ھذا الى جانب تعھد الولایات المتحدة نیتھا رفع الحظر الذي فرضته قبل عدة اسابیع (مع وقف تنفیذه لمدة تسعون یوما من اتخاذ القرار) على بیع بعض المنتجات من الشركات الأمیركیة الى شركة (ھواوي) عملاق صناعة التكنولوجیا الصیني، بما لا یمس (الأمن القومي الأمیركي)، حسب قول الإدارة الأمیركیة.
وبالرغم من اللغة الدبلوماسیة التي تحدث فیھا الطرفان الأمیركي والصیني، إلا أن واقع المفاوضات التجاریة القائم منذ عدة أشھر بین الطرفین یعكس قبول الصین بشروط اللعبة الجدیدة للعلاقات التجاریة لإدارة ترامب، وھي التي تقوم على اعتماد أسس للتبادل التجاري یؤدي إلى تخفیض عجز المیزان التجاري بین البلدین، ویعكس مخاوف الإدارة الأمیركیة من استفزاز الصین.
ویبدو أن اللغة التصالحیة الدبلوماسیة بین الولایات المتحدة والصین قد عكست أجواء مریحة وایجابیة لدى كافة القادة المشاركین، خاصة بعد أن أعلن أكثر من زعیم أوروبي من أن الحرب التجاریة بین العملاقین تضر بمصالح الدول الأوروبیة، وتأكید العدید من المؤسسات المالیة الدولیة أن الحرب التجاریة بینھما أدت الى تباطؤ الاقتصاد العالمي.
رافق ذلك اتفاق تجاري طال انتظاره بین الاتحاد الأوروبي وأربع دول من أمیركا الجنوبیة المتمثل في ما یطلق علیه دول مجموعة (میركوسور) التي تضم البرازیل والأرجنتین والأوروغواي والباراغواي.
مجمل ذلك، انعكس على لغة دقیقة وحذرة للبیان الختامي للاجتماع، الذي أكد على ضرورة توفیر مناخ تجاري ”حر ونزیه وغیر منحاز“ بما تحمله ھذه الكلمات من دلالات ومعان مختلفة وفق مصالح القوى الاقتصادیة الكبرى المتصارعة.
صحيفة الغد الأردنية، 2019/7/2