Home » مقالات » في وداع عام واستقبال جديد: لا نملك سوى التفاؤل

في وداع عام واستقبال جديد: لا نملك سوى التفاؤل

أحمد عوض

بعد أيام قلائل نودع عاما ونستقبل عاما جديدا، وفي هذه المناسبة لا نملك سوى القول إن 2021 كان عاما صعبا من مختلف الجوانب، وبخاصة الجانب الاقتصادي، ومن غير المتوقع أن يكون أن يكون العام المقبل أقل صعوبة، ولكننا كبشر “محكومون بالأمل”.

المشكلات البنيوية الملازمة لطبيعة الاقتصاد الوطني والخيارات الاقتصادية التي فرضتها الحكومات المتعاقبة، لا تترك أمامنا مساحات كافية للتأثير على تغيير واقعنا الاقتصادي باتجاه تحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لغالبية المواطنين، ومع ذلك لا نملك سوى خيار التفاؤل بغد أفضل.

جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية ما تزال جاثمة على صدر الاقتصاد العالمي والاقتصادات الوطنية، حيث المزيد من الضغوط على العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالتالي المزيد من المخاطر على مؤشرات الاقتصادات الكلية والجزئية، ومنها اقتصادنا الأردني، الذي يمتلك حساسية مفرطة تجاه التحولات التي تجري عالميا لأسباب عديدة.

المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، ما تزال تقدم توقعات حذرة لنمو الاقتصاد العالمي جراء الجائحة، ودخول العديد من الدول الكبرى بموجات جديدة من انتشار الفيروس المسبب للوباء.

يضاف إلى ذلك، ارتفاع سخونة التهديدات بين الدول المتنازعة، التي يمكن أن ينشأ عنها حروب عسكرية أو اقتصادية، لن يسلم منها الاقتصاد العالمي، حيث التهديدات الإسرائيلية بضرب المواقع العسكرية الإيرانية، والأزمة بين روسيا وأوكرانيا، الى جانب الحرب الاقتصادية المفتوحة بين الصين والولايات المتحدة.

مجمل هذه البيئة الدولية والإقليمية المركبة تفتح الباب على مصراعيه لحدوث اضطرابات كبيرة في العالم والمنطقة، ونحن في الأردن لن نكون بمنأى عن تأثيراتها.

محليا، عجز الموازنة العامة للدولة كبيرا جدا، يقارب 7.7 بالمائة من الناتج المحلي، ويشكل ما يقارب 32 بالمائة من مجمل الموازنة، وإيراداتنا المحلية لا تكفي لتغطية نفقاتنا الجارية، وهذا سيزيد من حساسية موقفنا تجاه أي تغييرات في الإقليم وفي العالم.

لسنا بمنأى عن موجات ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية الى جانب ارتفاع أسعار النقل، إضافة الى إصرار الحكومة على عدم إجراء تعديلات على سياساتها الضريبية باتجاه تخفيف الأعباء الضريبية على الاقتصاد والمستهلكين، وتعزيز الطلب المحلي على الاستهلاك، وبالتالي ستبقى محركات النمو الاقتصادي ضعيفة.

يرافقها خطط الحكومة الرامية الى إضعاف شروط العمل والحمايات الاجتماعية، اعتقادا منها أن ذلك سيخفف من تكاليف التشغيل على القطاع الخاص، والصحيح أنه لا يوجد تجربة في العالم -حسب خبراء منظمة العمل الدولية- استطاعت تحفيز الاقتصاد من خلال تخفيض الحمايات الاجتماعية، لا بل إن تحفيز الاقتصادات يتم من خلال زيادة الاستثمار في الحمايات الاجتماعية.

نملأ أرواحنا بالتفاؤل، رغم أنه لا يوجد دلالات على أن مستويات الفقر ومعدلات البطالة في الأردن ستنخفض بشكل ملموس، مع أن الحكومة مصرة على تطبيق السياسات الاقتصادية ذاتها التي أوجدت هذه الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية.

في المحصلة، رغم أن مختلف المؤشرات الدولية والإقليمية والمحلية لا تبعث على الارتياح، إلا أن هذا يجب ألا يمنعنا، جميعا، من أن نسعى، كل من موقعه ورؤيته، وكل حسب طاقته، إلى إحداث التغيير لتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية وتخفيف حدة التفاوتات الاجتماعية التي نعاني منها.

صحيفة الغد الأردنية، 2021/12/28