أحمد محمد عوض
في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة على غالبية المواطنين، وفي ظل حالة التباطؤ التي يشهدها الاقتصاد الأردني منذ عدة سنوات، على الحكومة أخذ زمام المبادرة لتوفير الحماية للمواطنين في مواجهة صعوبة أعباء الحياة، وتحفيز عجلة نمو الاقتصاد.
نعتقد أن زيادة الحد الأدنى للأجور في الوقت الراهن أصبحت ضرورة قصوى، اذ أنه متوقف منذ سنتين تقريبا 22 شهرا، عند مستوى منخفض 220 دينارا شهريا، وهو لا يتلاءم مع مستويات غلاء المعيشة التي نشهدها، خاصة وأن معدلات ارتفاع الأسعار خلال العامين الماضيين قاربت على 9%.
إن الحد الأدنى للأجور مؤشر اجتماعي معنية بتحديده الحكومات لضمان الحدود الدنيا من الدخل التي توفر حياة كريمة للعاملين وأسرهم، وفي غالبية دول العالم يتم ربطه بخط الفقر المطلق للأسر، الى جانب ارتفاع مؤشرات تكاليف المعيشة.
وهو يعطى عادة للأشخاص غير الماهرين عندما يدخلون سوق العمل لأول مرة، الا أن قطاعات واسعة من منشآت الأعمال وأصحاب الأعمال يتعاملون معه باعتباره الأجر الطبيعي للعاملين، لذلك هنالك عشرات الآلاف من العاملين في الأردن رواتبهم لا تزيد عن الحد الأدنى للأجور.
إن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور المساهمة في وضع حد لتنامي ظاهرة العاملين الفقراء؛ إذ أن أعدادهم أصبحت في تزايد مستمر، وتشير أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والتي تغطي العاملين بشكل نظامي فقط، -لا يزيدون عن 60 % من مجمل القوى العاملة في الأردن-الى أن ما يقارب 30 % من العاملين في الأردن رواتبهم تقل عن 300 دينار شهريا.
إن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور انه سيعمل على تحسين مستويات الأجور المتوسطة والمنخفضة بشكل عام في الأردن، وبالتالي سيؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة، وسيساهم في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية من خلال تقليل ملموس في أعداد الفقراء، وسيساهم في تقليل التفاوت الاجتماعي.
كذلك فإن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور المساهمة في تحفيز الاقتصاد الوطني للمزيد من النمو، اذ سيؤدي الى زيادة الطلب العام على استهلاك السلع والخدمات، ما سيساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
مخاوف البعض في القطاع الخاص من أن رفع الحد الأدنى للأجور سيزيد الضغوط على القطاع الخاص الذي يعاني الكثير غير مبررة، ومبنية على فرضيات خاطئة، لأن الأجور في الأردن والحد الأدنى لها ليست عبئا على منشآت الأعمال، الأعباء تأتي من مصادر أخرى، ليس للعاملين دور فيها، مثل ارتفاع أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج غير البشرية وغيرها.
الغالبية الكبرى من القطاع الخاص لن يتضرر من رفع الحد الأدنى للأجور، فالغالبية الكبيرة من العاملين في القطاع الخاص المنظم رواتبهم أعلى من الحد الأدنى للأجور. لا بل أن غالبية القطاع الخاص سيستفيد على المديين المتوسط والبعيد من رفع مستويات الأجور بشكل عام، لمساهمته في زيادة الطلب العام على السلع والخدمات.
وقد آن الأوان للتعامل مع الأجور باعتبارها احدى أدوات الاستثمار وليس تكاليف واعباء على الاقتصاد، لذلك نقترح على الحكومة دعوة اللجنة الثلاثية المشكلة بموجب المادة 52 من قانون العمل لمراجعة الحد الأدنى الأجور وزيادته.
صحيفة الغد لأردنية، 2018/12/13