Home » مقالات » التعاونيات: فرص اقتصادية كامنة

التعاونيات: فرص اقتصادية كامنة

أحمد عوض

في الوقت الذي نبحث فيه بشكل حثیث عن السیاسات والأدوات التي یمكن أن تساھم في الخروج من حالة التباطؤ الاقتصادي واتساع رقعة الفقر وتفاقم مؤشرات البطالة، تظھر فكرة تعزیز دور الجمعیات التعاونیة التي تراجع دورھا بشكل ملموس خلال العقود الماضیة.

لعبت الجمعیات التعاونیة ”التعاونیات“ وعلى مدار عقود مضت أدوارا اقتصادیة واجتماعیة ملموسة في الأردن، وخاصة في مجال التشغیل الكثیف والحد من الفقر وتشغیل النساء، إلا أن ھذا الدور تراجع بشكل واضح خلال العقود الماضیة لعدة أسباب.

فمن جانب تراجع دعم الحكومة لھذا القطاع في إطار تشجیع الاستثمار للقطاع الخاص، إضافة إلى تغییر رؤیة العمل التعاوني لدى القائمین على ملف الجمعیات التعاونیة ومؤسسي ھذه الجمعیات واداراتھا، وأصبح یقترب أكثر نحو الحصول على منح-اشبه بعمل الجمعیات العادیة والخیریة-، بدل أن تكون ھذه التعاونیات مؤسسات اقتصادیة تقوم على مساھمات الأفراد فیھا.

وللأسف شجعت الحكومة وما زالت ھذا التوجه، حیث قدمت عبر بعض وزاراتھا ومؤسساتھا منحا للتعاونیات، ما دفع الأخیر للعمل من أجل الحصول على المزید، وابتعدت شیئا فشیئا عن مفھومھا الأساسي. وكان الأجدر بالحكومة أن تقدم تسھیلات ضریبیة ودعما فنیا لإدارات ھذه الجمعیات التعاونیة لتحسین أدائھا وفعالیتھا.

كذلك، ساھم ابتعاد عملیات تأسیس وعمل الجمعیات التعاونیة عن مبادئ التعاون المتعارف علیھا دولیا وعلى رأسھا استقلالھا كمنشآت اقتصادیة ذاتیة الإدارة في اضعاف دورھا، إذ أدى نظام الجمعیات التعاونیة المعمول به إلى تعزیز تبعیتھا للمؤسسة التعاونیة الأردنیة، ما أفقدھا استقلالیتھا.

تعزیز دور التعاونیات یشكل فرصة حقیقیة لمواجھة العدید من التحدیات الاقتصادیة تعتمد اقتصاداتھا على التعاونیات، ولا تقتصر أعمال التعاونیات على الأعمال الحرفیة والزراعیة والیدویة، لا بل امتدت لتعمل في مجالات التكنولوجیات المختلفة والطیران وغیرھا من القطاعات الاقتصادیة.

ھنالك أولویة لإعادة النظر في السیاسات الناظمة لعمل القطاع التعاوني الأردني وواقعه، وتشجیع المواطنین للانخراط به من خلال منحه مزیدا من التحفیز، وتشجیعه على التوسع، من خلال تقدیم تسھیلات ضریبیة، سواء على مستوى ضریبة الدخل أو الضریبة العامة على المبیعات لمنتجاتھا، وتخفیض الرسوم الجمركیة على مدخلات انتاجھا.

ولتشجیع القطاع التعاوني مطلوب كذلك من الحكومة ومجلسي النواب والأعیان المبادرة لإجراء تعدیلات على التشریعات والأنظمة المتعلقة بھذا القطاع، آخذین بعین الاعتبار معاییر التعاون الدولي والممارسات الفضلى ذات العلاقة والخروج من الرؤیة الضیقة التي أضعف دور التعاونیات في الأردن.

تراجع مختلف المؤشرات الاقتصادیة والاجتماعیة في الأردن، تدفعنا للإسراع في التفكیر في كافة الفرص الكامنة في الدولة والمجتمع، والقطاع التعاوني یتضمن العدید من الفرص الاقتصادیة التي من شأنھا تولید فرص عمل جدیدة ومحاربة الفقر والتخفیف من التفاوت الاجتماعي.

صحيفة  الغد الأردنية، 2019/6/17