أحمد عوض
تشير مختلف المعطيات إلى أن المراكز الأساسية للاقتصاد العالمي المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان تتجه نحو مرحلة من “الركود التضخمي” ، بمعنى تراجع النمو الاقتصادي إلى جانب ارتفاع في الأسعار ، وفي أحسن التوصيفات ، دخول هذه المراكز في مرحلة من التباطؤ.
فهل صغر حجم الاقتصاد الأردني يبقيه بمنأى عن تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية ، والبوصلة تشير لاتساع رقعة المتضررين منها يوما بعد يوم، وتتمثل هذه الأزمة في التداعيات المتلاحقة لأزمة الرهن العقاري الأمريكي ، والتي أدت حتى الآن إلى خسائر العديد من البنوك الأمريكية لعشرات مليارات الدولارات. إلى جانب الارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة ، على الرغم من تراجع أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية.
هذا إلى جانب تفاقم الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي ، حيث وصل عجز الحساب الجاري وعجز الميزان التجاري إلى مستويات قياسية ، شكلت وتشكل ضغوطاً إضافية على الدولار لدفعه للانخفاض أكثر وأكثر. وهناك تخوفات أمريكية من انعكاس ذلك سلباً على حياة الأمريكيين بشكل حاد لدرجة أن أحد الخبراء الاقتصاديين الجمهوريين يحذر من “انهيار مستويات المعيشة في الولايات المتحدة “.
وعلى الجانب الآخر فإن بريطانيا بدأت “تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية منذ ستة عقود” حسب وزير المالية البريطاني ، حيث السوق العقارية كاسدة ، و أسعارها انخفضت إلى مستويات أقل مما كانت عليه منذ عقدين ، وهناك ارتفاع في معدل البطالة ، بل تشي بعض المصادر الرسمية إلى أن ما يقارب مليوني موظف بريطاني سيفقدون وظائفهم خلال عام.
كذلك فإن الكتلة الاقتصادية الأوروبية (دول الاتحاد الأوروبي) بدأت تعاني من مظاهر تباطؤ في النمو الاقتصادي ، إلى جانب ارتفاعات ملموسة في معدلات التضخم.
وانتقلت عدوى الأزمة الاقتصادية إلى اليابان ، حيث أعلنت السلطات الاقتصادية اليابانية أن اليابان دخلت حالة من التباطؤ التي يمكن أن تتحول إلى ركود.
ورافق ذلك تراجع مختلف التوقعات بمؤشرات الاقتصاد العالمي وعلى وجه الخصوص توقعات النمو الاقتصادي في جميع الاقتصاديات الكبرى. وانعكس ذلك على أسواق المال العالمية الكبرى ، حيث تراجعت مؤشراتها إلى مستويات منخفضة مقارنة مع السنوات القليلة الماضية.
وبالعودة إلى سؤال”تداعيات الأزمة”، فمن المؤكد أن جميع الدول ستتأثر بطريقة وأخرى بتداعيات بطء الاقتصاديات الكبرى ، وأن حكومات وشعوب العالم أجمع ستدفع حصة ما ثمناً لعولمة الاقتصاد ولكن بتفاوت في حجم الثمن.
لذلك نتوقع أن يتأثر الأردن بشكل كبير بهذه الأزمة ، والموضوع ليس ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ، وليس ارتفاع أسعار المواد الغذائية كما حصل خلال السنوات القليلة الماضية ، وتفاقم خلال الأشهر الماضية ، بل يتعلق بإمكانية استمرار حصول الأردن على ذات المستوى من الاستثمارات والمساعدات الخارجية التي يحصل عليها الآن ، والتي ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة النمو الاقتصادي ، هذا إلى جانب أنها تغطي جزءاً من عجز الموازنة العامة المزمن ، وعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات الذي ارتفع مؤخراً إلى مستويات غير مسبوقة تقترب من ما كان عليه عشية الأزمة الاقتصادية الكبرى في الأعوام 1988 و,1989
الخلاصة ، ماذا حضرنا ليكون وقع الأزمة اقل ضررا ..،
صحيفة الدستور الأردنية، 2008/9/4